أوربا من نهاية الحرب العالمية الأولى إلى أزمة 1929
تمهيد إشكالي:
أدى اشتداد التنافس الإمبريالي والأزمات التي ارتبطت به إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى التي نتجت عنها تحولات عميقة.
- ما هي نتائج ومراحل هذه الحرب؟
- ما التطورات التي عرفتها أوربا من نهاية الحرب إلى أزمة 1929م؟
I – مراحل الحرب العالمية الأولى ونتائجها:
– مرت الحرب العالمية الأولى بمرحلتين أساسيتين:
أ – المرحلة الأولى ما بين 1914 و1917م:
تميزت بتفوق وانتصارات دول المحور بزعامة ألمانيا بفعل قوتها العسكرية البرية والبحرية (الدبابات، الطائرات الحربية، الغواصات، بنادق التكرار…)، كما استخدمت خلالها الثورة العربية الكبرى ضد الإمبراطورية العثمانية.
ب – المرحلة الثانية ما بين 1917 و1918م:
تميزت بانسحاب روسيا من الحرب بعد قيام الثورة البولشفية في مارس 1917م إثر هزائمها المتتالية، وتفاقم الأوضاع الداخلية، وبداية 1917م وسعت ألمانيا نطاق حرب غواصاتها لتشمل جميع السفن التجارية للدول المحايدة المتجهة إلى دول الوفاق بما فيها سفن الولايات المتحدة الأمريكية، ومع دخول هذه الأخيرة الحرب قلب الكفة لصالح الحلفاء الذين انتصروا باستعمال أسلحة جديدة كالدبابات والمدافع والطائرات والغازات السامة، فعقدت معاهدة بريست ليتوفسك سنة 1918م التي أقرت رسميا إنهاء الحرب على ألمانيا.
2 – خلفت الحرب العالمية عدة نتائج:
- الخسائر البشرية: تسببت الحرب في خسائر بشرية كثيرة بسبب ارتفاع عدد القتلى (10 مليون قتيل) وأعداد هائلة من المعطوبين والجرحى والمفقودين مما أدى إلى انتشار ظاهرة الشيخوخة وتراجع نسبة السكان النشطين.
- النتائج الاقتصادية: خلفت الحرب خسائر اقتصادية جسيمة بعد تدمير البنيات الاقتصادية والاجتماعية (كالمعامل والمساكن والأراضي الفلاحية والطرق)، مما أدى إلى تراجع الإنتاج الفلاحي والصناعي، وانتشار الفقر والبطالة، وقد عاشت الدول المتحاربة أزمة مالية خانقة بسبب نفقات الحرب الباهضة، فازدادت مديونية الدول الأوربية بعد لجوئها للاقتراض من الخارج، كما ركزت بعض الدول على مستعمراتها لتنشيط اقتصادها، ومقابل التراجع الأوربي استفادت دول أخرى من الحرب كالولايات المتحدة الأمريكية واليابان.
- النتائج السياسة: تفككت الأنظمة الإمبراطورية القديمة، وسقطت الأسر الاقطاعية الحاكمة بها (روسيا، ألمانيا، النمسا المجر …)، كما تغيرت الحدود الترابية للقارة الأوربية بظهور دول جديدة، وقامت الثورة الروسية التي طبقت أول نظام اشتراكي، وعقد مؤتمر للصلح بقصر فرساي سنة 1919م الذي فرضت معاهداته شروطا قاسية على الدول المنهزمة، كما أنشئت عصبة الأمم لنشر السلم والتعاون انطلاقا من المبادئ 14 للرئيس الأمريكي ولسون.
يتضح من المعاهدات التي أعقبت هذه الحرب أن الدول التي فرضت عليها أكثر الشروط قسوة هي ألمانيا والنمسا-هنغاريا
II – التطورات بأوربا من نهاية الحرب العالمية الأولى إلى أزمة 1929م:
1 – التطورات السياسية بروسيا:
2 – وضعية بعض الدول الأوربية بعد الحرب العالمية الأولى:
- فرنسا: خرجت فرنسا ضعيفة من الحرب العالمية الأولى بسبب تضرر اقتصادها، فارتفعت أسعار المواد الغذائية والمواد المصنعة، وانتشر التضخم نتيجة اختلال التوازن بين العرض والطلب (بين كمية الإنتاج والكتلة النقدية)، ومن الناحية السياسية عمت الإضرابات والاحتجاجات النقابية، فواجهتها الدولة بالقمع خوفا من قيام ثورة شبيهة لما حدث بروسيا، كما أن الحكومة عاشت صعوبات لعدم تحقيق توافق سياسي بين أحزابها الوطنية، ورافق كل ذلك نهج سياسة صارمة اتجاه ألمانيا وتكثيف استغلال خيرات المستعمرات.
- ألمانيا: عرفت ألمانيا بعد الحرب أزمة اقتصادية خانقة بعد تراجع الإنتاج الصناعي، وتزايد الدين الخارجي، وثقل تعويضات الحرب، مما أدى إلى موجة من الاحتجاجات كانت حكومة فيمار المنتخبة عاجزة عن مواجهتها خاصة بعد اندلاع ثورة الشيوعيين (السبارطاكيين)، وفد هيأت الأزمة الاقتصادية والسياسية بألمانيا الظروف لبروز الحزب النازي بزعامة هتلر الذي مهد لتصاعد التطرف السياسي، فاستطاع الفوز في انتخابات سنة 1933م والجمع بين كل السلطات سنة 1934م.
- ايطاليا: بالإضافة إلى الأزمة السياسية عرفت إيطاليا تراجع الإنتاج الصناعي، وازدياد الدين الخارجي، مما أدى إلى تراجع قيمة العملة (الليرة)، وانخفاض الأجور وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين، فانتشر السخط الاجتماعي مما عزز مكانة الحزب الفاشي بزعامة موسيليني الذي استطاع الوصول لرئاسة الوزراء سنة 1922م، ووضع دعائم الديكتاتورية الفاشية.
III – انعكاسات أزمة 1929 على الأوضاع بأوربا:
انطلقت أزمة اقتصادية كبرى من بورصة وول ستريت في نيويورك بانهيار مفاجئ لأسعار الأسهم يوم الخميس 24 أكتوبر 1929م (الخميس الأسود)، بعد اختلال العرض والطلب في بيع الأسهم، مما أدى إلى إفلاس المضاربين والمساهمين والبنوك، ونظرا لارتباط الميدان المالي بباقي القطاعات الاقتصادية (الفلاحة، والصناعة، والتجارة) فقد انتقلت إليها الأزمة، فانتقلت الأزمة من الولايات المتحدة الأمريكية إلى باقي البلدان الرأسمالية المرتبطة بها وعلى رأسها إلى أوربا وخاصة ألمانيا، النمسا، انجلترا فرنسا واليابان … نظرا لارتباطها الوثيق مع الولايات المتحدة الأمريكية، بسبب:
- سحب أمريكا لرساميلها وقروضها.
- نهج الدول سياسة الحمائية تجاه المنتجات الأجنبية (تضرر اليابان).
- توقف الإعانات والمساعدات المقدمة لبعض الدول بعد الحرب (للنمسا وألمانيا).
وقد تعددت نتائج الأزمة الاقتصادية بأوربا، منها:
- تكدس الإنتاج وانخفاض الأسعار.
- إفلاس المقاولات والشركات والمصانع.
- تراجع قيمة الصادرات وعجز في الميزان التجاري.
- تسريح العمال لخفظ الإنتاج.
- ارتفاع أعداد العاطلون وانخفاض القدرة الشرائية ما نتج عنه تنظيم مسيرات نحو المدن الكبرى تحولت إلى إضرابات ومظاهرات دموية.
- توطيد الأنظمة الديكتاتورية (الفاشية والنازية) لسلطتها في إيطاليا وألمانيا.
ونظرا للارتباط الوثيق لغالبية دول العالم مع أوربا كمستعمرات فإن الأزمة انتقلت إليها كنتيجة حتمية لتشمل الأزمة كل العالم
خاتمة:
ساهمت مخلفات الحرب العالمية الأولى ونتائج الأزمة الاقتصادية العالمية في حدوث تحولات كبرى بأوربا أضعفت الأنظمة الديمقراطية وسهلت وصول الديكتاتوريات للحكم ممهدة لاندلاع حرب عالمية ثانية
خطاطة للدرس
.
0 Comments:
إرسال تعليق